القصة الكاملة للتلاعب بسهم دار الأركان والأرباح المليارية التي حققها المتورطون في الفضيحة

في تطور يعد واحد من أبرز القضايا في تاريخ سوق الأسهم السعودي، كشفت هيئة السوق المالية عن تفاصيل حكم قطعي ضد 17 شخص ومشاركة خمسة مستثمرين في تلاعب بسهم شركة دار الأركان، ما أدى إلى تحقيق مكاسب غير مشروعة تقَدر بـ 1.196 مليار ريال سعودي.

القصة الكاملة للتلاعب بسهم دار الأركان 

كما فرضت الهيئة غرامات تجاوزت 6 ملايين ريال على المتورطين، ودعت المتضررين إلى المطالبة بالتعويض عبر إجراءات فردية أو من خلال صندوق التعويض المعتمد.

تأتي هذه الخطوة في إطار سعي الهيئة إلى تأكيد أنها لن تتهاون في ملاحقة من يخرق أنظمة السوق المالية ولوائحها التنفيذية، وأنها ستلجأ إلى أدوات متعددة لضمان استرداد الحقوق وتعويض المتضررين، بما في ذلك التوقيف عن التداول ومنع إدارة المحافظ والحرمان المؤقت من النشاط المالي.

تفاصيل الحكم وأسماء المدانين

أوضحت هيئة السوق المالية أن لجنة الاستئناف في منازعات الأوراق المالية أصدرت قرار قاطع يدين 17 شخص بانتهاك الفقرة (أ) من المادة 49 من نظام السوق المالية، والفقرة (أ) من المادة الثانية من لائحة سلوكيات السوق.

كما أن القرار تشمل خمسة مستثمرين آخرين استخدمت محافظهم لإتمام بعض الأفعال المخالفة.

حددت الهيئة أن التداولات المشبوهة ارتكبت خلال فترتين زمنيتين: من 27 أبريل 2017 إلى 23 يناير 2018، ومن 18 فبراير 2018 إلى 31 مايو 2018.

وورد في قرار الهيئة أن بعض المتهمين نفذوا أوامر شراء وبيع بهدف التأثير في سعر السهم وسعر الإغلاق، مما خلق انطباع مضلل حول قيمة الورقة المالية.

ولم يكتف القرار بفرض الغرامة فحسب، بل ألزم المدانين بدفع المكاسب غير المشروعة إلى حساب الهيئة، مع منعهم من التداول مباشرة أو بصفة غير مباشرة ومن إدارة المحافظ لفترات تراوحت بين ستة أشهر وسنة. وقد أشار بيان رسمي إلى أن الغرامات التي فرضت تجاوزت ستة ملايين ريال.

تعويض المتضررين

أكدت الهيئة أن إجمالي المكاسب غير المشروعة التي ألزمت بها الأطراف المدانة بلغ 1.196 مليار ريال، موزعة ما بين المدانين الخمسة عشر والمؤثرين في المحافظ الأخرى.

خارج ذلك، أنشأت الهيئة صندوق خاص للتعويض، تم من خلاله بدء إيداع المبالغ المستحقة في حسابات المتضررين، والبالغ عددهم أكثر من 17 ألف فرد.

وتعزى هذه الخطوة إلى تفعيل المادة 59 من نظام السوق المالية، التي تمنح الهيئة صلاحية إنشاء صناديق تعويض مخصصة من المكاسب غير المشروعة لصالح المتضررين.

وقد جري توزيع التعويضات وفق خطة معتمدة من لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية، بحيث يكون المبلغ عائد لأصحاب الحق بأقل الأعباء الممكنة.

كما أوضحت الهيئة أن بعض المستثمرين لم يشملهم التوزيع، لكنها حقهم في التقدم بدعاوى فردية للمطالبة بالتعويض بعد تقديم شكوى رسمية إلى الهيئة.

يعد هذا الحكم من أبرز الأمثلة على كيفية تطبيق الهيئة وصلاحياتها في ضبط السوق ومكافحة التلاعب، خصوصا حينما تكشف استخلاص أرباح ضخمة من ممارسات مشبوهة.

وقد أتى القرار في ظل تنسيق بين الهيئة والنيابة العامة، ما يعكس جدية الرقابة الأمنية والمالية ضد الأفعال المخالفة.

كما يعد إنشاء صندوق تعويض وتفعيل المادة 59 تحول مهم في أدوات حماية المستثمرين، إذ يمكن الهيئة من تجاوز الاعتماد على الدعاوى المدنية الفردية فقط، ويمنحها قدرة أفضل على توزيع المبالغ المضبوطة للمتضررين دون انتظار طويل.

في ضوء ذلك، فإن هذا الحكم يرسل رسالة قوية للمتعاملين في السوق بأن السلوكيات التي تنطوي على التلاعب أو التضليل لن تمر دون عقوبة، وأن الهيئة مستعدة لاتخاذ إجراءات رادعة تشمل الحرمان المالي والإداري ومصادرة المكاسب غير المشروعة.

من المتوقع أن تكون لهذه القضية تداعيات واسعة على سوق الأسهم السعودي:

• قد تشجع هذه الخطوة على ثقة أكبر من المستثمرين في نزاهة السوق وإمكانية استرداد الحقوق.
• ستكون ردع لأي من يفكر في الانخراط في تصرفات مماثلة أو استغلال الفجوات.
• قد تزيد الضغوط على الرقابة والتدقيق لدى الجهات التنظيمية لتعزيز المراقبة التقنية والمسببة للتلاعب.
• على المدى الطويل، قد تشكل هذه الأنماط انتقال إلى بيئة سوقية أكثر شفافية وعدالة، مع تفعيل الإجراءات الرقابية والجزاءات الفورية.

في المجمل، فإن هذه الحادثة تمثل اختبار قوي لقدرات الهيئة والجهات القضائية في تطبيق القانون على كبار المتداولين، وتدعم التزام المملكة بتطوير سوق مالي ناضج وآمن يحمي الحقوق ويمنع التجاوزات.

المصادر

• هيئة السوق المالية السعودية — “إلزام 17 مخالفاً و5 مستثمرين بدفع 1.196 مليار ريال”