هذا ما لا يعرفه الكثيرون عن فضيلة مفتي السعودية الراحل عبد العزيز ال الشيخ وسبب وفاته

هذا ما لا يعرفه الكثيرون عن فضيلة مفتي السعودية الراحل عبد العزيز ال الشيخ
  • آخر تحديث

على مدار أكثر من ستة عقود، ترك الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء رحمه الله، بصمة واضحة في تاريخ الفقه الإسلامي والإفتاء في المملكة.

هذا ما لا يعرفه الكثيرون عن فضيلة مفتي السعودية الراحل عبد العزيز ال الشيخ

يعد الشيخ ثالث من يتولى هذا المنصب بعد كل من الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ والشيخ عبدالعزيز بن باز، وقد امتدت مسيرته العلمية والدعوية لتشكل علامة بارزة في تاريخ الدعوة والتعليم الشرعي بالمملكة.

الميلاد والنشأة

ولد الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ في مكة المكرمة يوم الثالث من شهر ذي الحجة عام 1362هـ، الموافق 30 نوفمبر 1943م، فقد والده وهو في سن صغيرة، فترعرع يتيم تحت رعاية أسرته واهتم بالدراسة منذ طفولته المبكرة.

تميز بشغفه بالعلم والاجتهاد، وبدأ حفظ القرآن الكريم على يد الشيخ محمد بن سنان. وعلى الرغم من فقدانه للبصر في العشرينات من عمره، لم يثنه ذلك عن متابعة طلبه للعلم، ليصبح فيما بعد أحد أبرز تلاميذ مفتي السعودية الأسبق الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ.

التعليم والتكوين العلمي

تلقى الشيخ عبدالعزيز علوم الدين المختلفة، بدايةً من التوحيد والفقه والعقيدة، على يد عدد من كبار العلماء، من بينهم الشيخ عبدالعزيز بن باز الذي قام بتعليمه علم الفرائض.

التحق بمعهد إمام الدعوة العلمي بالرياض عام 1374هـ، ثم واصل دراسته في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، حيث تخرج عام 1384هـ متخصص في الشريعة واللغة العربية، مما أرسى قاعدة صلبة لمسيرته العلمية والدعوية.

المسيرة الأكاديمية والتدريسية

بدأ الشيخ عبدالعزيز مسيرته الأكاديمية في معهد إمام الدعوة، قبل أن ينتقل إلى كلية الشريعة بالرياض كأستاذ مساعد ثم أستاذ مشارك.

كما درس في المعهد العالي للقضاء، وأسهم في الإشراف على رسائل الماجستير والدكتوراه، مبرز دوره في تطوير الفكر الشرعي والأكاديمي بالمملكة.

وكان لحضوره في الندوات والمحاضرات داخل وخارج المملكة أثر كبير في نشر الفقه والدعوة الإسلامية، إذ جمع بين الجانب النظري والعملي في تقديم العلم.

الإمامة والخطابة

ارتبط اسم الشيخ عبدالعزيز بالمساجد الكبرى في المملكة، فقد تولى إمامة جامع الشيخ محمد بن إبراهيم في الرياض بعد وفاة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، ثم انتقل إلى إمامة جامع الإمام تركي بن عبدالله.

ومنذ عام 1402هـ، أصبح خطيب مسجد نمرة بعرفة، حيث ارتبط صوته السنوي بملايين الحجاج أثناء خطبة يوم عرفة، ليكون شاهد على دوره الدعوي في خدمة الحجاج ونشر العلم الشرعي.

المناصب القيادية والمسؤوليات العامة

انضم الشيخ عبدالعزيز إلى هيئة كبار العلماء عام 1407هـ، ثم أصبح عضو في اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عام 1412هـ.

وفي عام 1416هـ، تم تعيينه نائب للمفتي العام، وبعد رحيل الشيخ عبدالعزيز بن باز عام 1420هـ، صدر الأمر الملكي بتعيينه مفتي عام للمملكة ورئيس لهيئة كبار العلماء، إضافة إلى رئاسته العامة للبحوث العلمية والإفتاء، وهو المنصب الذي ظل يشغله حتى وفاته، معزز مكانته كمرجع علمي رائد في المملكة.

الإنتاج العلمي والفتاوى

ترك الشيخ عبدالعزيز إرث علمي غني، تضمن مؤلفات في مجالات العقيدة والفقه والفتوى، من أبرزها "الجامع لخطب عرفة" و"حقيقة شهادة أن محمد رسول الله".

كما جمعت فتاواه في أعمال متعددة ضمن برنامج "نور على الدرب"، شملت قضايا الطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحج، لتصبح مرجع هام للمسلمين داخل المملكة وخارجها، ولتسهم في توضيح أحكام الشريعة الإسلامية بطريقة منهجية وعلمية.

الوداع والإرث

رحل الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ يوم الثلاثاء 1 ربيع الآخر 1447هـ، الموافق 23 سبتمبر 2025م، بعد مسيرة امتدت لعقود في خدمة الدعوة والإفتاء والتعليم الشرعي.

ترك الشيخ إرث علمي وديني بارز، وحياة مليئة بالعطاء، ستظل حاضرة في ذاكرة المملكة، وتعد نموذج للتفاني والاجتهاد في خدمة الدين والعلم والمجتمع.