4 أسباب أجبرت الاتحاد على الموافقة على إعارة كانتي للنصر

4 أسباب أجبرت الاتحاد على الموافقة على إعارة كانتي للنصر
  • آخر تحديث

رحيل نجم بحجم نغولو كانتي قد يبدو صادم بالنسبة إلى شريحة واسعة من جماهير نادي الاتحاد، غير أن كرة القدم الحديثة، ولا سيما في دوري روشن السعودي الذي تحول إلى ساحة تعج بالصفقات الكبرى والاستثمارات الضخمة، باتت تحكمها اعتبارات اقتصادية وإدارية صارمة تتجاوز في أحيان كثيرة العاطفة الجماهيرية.

4 أسباب أجبرت الاتحاد على الموافقة على إعارة كانتي للنصر

ومع دخول عقد كانتي عامه الأخير، وتجاوزه سن الرابعة والثلاثين، يبرز تساؤل استراتيجي مهم: هل من الحكمة تجديد عقده بتكاليف ضخمة، أم أن القرار الأصوب يكمن في الاستفادة من قيمته الحالية لإعادة بناء استثمار أكثر استدامة؟

التكلفة والعائد

عند وصول كانتي إلى الاتحاد في صيف عام 2023، كانت الصفقة منطقية تماما، فقد حصل النادي على لاعب بطل للعالم، صاحب خبرة استثنائية، وقدرات فنية عالية قادرة على إحداث فارق فوري في الملعب.

إلا أن المعادلة اليوم مختلفة تماما، إذ تشير التقارير إلى أن راتبه يلامس 100 مليون يورو سنويا، وهو رقم يضعه ضمن أعلى الأجور في العالم.

ومع تقدمه في العمر، تدخل نظرية "تناقص العائد" حيز التنفيذ، فالسؤال المطروح: هل سيحافظ كانتي على المستوى البدني نفسه في عمر الخامسة والثلاثين أو السادسة والثلاثين؟ الإجابة الأرجح هي لا.

وبالتالي، فإن تجديد عقده بنفس القيمة أو بقيمة مقاربة يعني ضخ استثمار جديد في لاعب تتراجع قيمته السوقية والرياضية تدريجي، وهو ما يتعارض مع الإدارة المالية الحكيمة.

تعظيم الأصول

في عالم الاقتصاد، الأصل الذي لم يعد قادر على تقديم عائد متزايد يجب التفكير في بيعه أو استبداله قبل أن يفقد قيمته كليا.

ينطبق هذا المبدأ تماما على وضع كانتي، فلا يزال اللاعب يتمتع باسم عالمي قادر على جذب اهتمام أندية كبيرة، مما يجعل هذه الفترة مثالية لتحويل قيمته المعنوية والفنية إلى قيمة مالية ملموسة.

يمكن أن يتم ذلك من خلال صفقة تبادلية مع لاعب أصغر سن وأكثر قدرة على التطور، أو عبر بيع مباشر يتيح للنادي سيولة مالية لبناء مشروع جديد، أما الانتظار حتى نهاية عقده، فسيؤدي إلى خسارة كاملة لقيمة الاستثمار الأولي من ناحية الانتقال.

الاستثمار في المستقبل

الميزانية الضخمة التي قد تنفق لتجديد عقد كانتي يمكن أن تتحول إلى ركيزة أساسية في مشروع إعادة بناء الفريق.

فبدلا من دفع 100 مليون يورو للاعب واحد لموسم أو موسمين، يمكن استثمار المبلغ في التعاقد مع لاعبين شباب يمتلكون قدرات عالمية، ويخدمون النادي لفترة تتراوح بين خمس وست سنوات.

بهذه الطريقة، يضمن الاتحاد الاستمرارية التنافسية ويخلق قيمة سوقية مستقبلية عبر تطوير لاعبين يمكن بيعهم لاحقا بأرباح.

وبينما لا يمكن التقليل من أهمية وجود كانتي وخبرته، إلا أن الإدارة مطالبة بالموازنة بين الحاضر الآني والرؤية البعيدة لبناء فريق متماسك لا يعتمد على نجم واحد مهما كان لامعا.

دروس من ريال مدريد

تقدم تجربة نادي ريال مدريد نموذج واضح في كيفية التعامل مع النجوم المخضرمين، فقد جدد النادي عقود لاعبين مثل لوكا مودريتش لعام واحد في كل مرة، مع تخفيض راتبه بما يتناسب مع دوره الجديد، وكان ذلك استثناء مبني على مرونة اللاعب واستعداده لتقبل دوره المتغير.

على الجانب الآخر، رفضت الإدارة مطالب سيرجيو راموس بعقد طويل الأمد وراتب مرتفع لا يتناسب مع العائد المتوقع، واتخذت قرار صعب برحيله.

الدرس هنا أن النادي دائما أكبر من أي لاعب، وأن القرارات ينبغي أن تبنى على رؤية مستقبلية واقعية لا على أمجاد الماضي.

وعليه، فإن إدارة الاتحاد مطالبة بتحديد ما إذا كان كانتي أقرب إلى نموذج مودريتش المتفهم، أم إلى راموس المطالب، فإذا كان الموقف أقرب إلى الثاني، فإن القرار الحكيم هو التعامل ببراغماتية واتخاذ خطوة الرحيل مهما كانت قاسية.

بين العاطفة والبراغماتية

إن احتمالية رحيل نغولو كانتي لا يجب أن تقرأ كخسارة فنية فحسب، بل ينبغي النظر إليها كفرصة إدارية ومالية لإعادة هيكلة الاستثمارات وتوجيهها نحو مستقبل أكثر استدامة.

فالعاطفة قد تدفع الجماهير إلى التمسك باللاعب، لكن الإدارة الرشيدة تنظر إلى التوازن بين الحاضر والمستقبل، وبين العائد المالي والقيمة الفنية.

بهذا النهج، يمكن للاتحاد أن يضمن البقاء في قمة المنافسة على المدى الطويل، وأن يتحول من مجرد نادي يستقطب الأسماء الكبيرة إلى مؤسسة رياضية قادرة على صناعة الأبطال والمواهب، وبناء مشروع يحقق الاستقرار والاستمرارية.