بعد أن تجاوز 11500 نقطة.. سبب غير متوقع وراء القفزة الكبيرة في تاسي وتوقعات بتصحيح عند هذه النقطة

سبب غير متوقع وراء القفزة الكبيرة في تاسي وتوقعات بتصحيح عند هذه النقطة
  • آخر تحديث

شهدت السوق المالية السعودية حدث استثنائي أعاد لها بريقها، حيث أغلق مؤشرها الرئيسي المعروف بـ "تاسي" على أكبر ارتفاع يومي منذ مارس عام 2020.

سبب غير متوقع وراء القفزة الكبيرة في تاسي وتوقعات بتصحيح عند هذه النقطة

هذا الإنجاز لم يكن مجرد أرقام صاعدة على لوحة التداول، بل كان انعكاس لروح التفاؤل التي سيطرت على المستثمرين، وللحيوية التي بثتها السيولة الجديدة في أركان السوق.

أداء المؤشر العام وتفاصيل الصعود

ارتفع مؤشر "تاسي" بما يقارب 550 نقطة، أي بنسبة تجاوزت 5%، ليصل إلى مستوى 11426 نقطة، متجاوز حاجز 11.4 ألف نقطة الذي غاب عنه منذ مايو الماضي.

هذا الارتفاع الكبير أظهر قوة الزخم الشرائي، وأكد عودة السيولة بشكل لافت إلى السوق، مما جعله محطة بارزة في مسيرة التطور المالي بالمملكة.

توقعات الإصلاحات ودور هيئة السوق المالية

الأداء الإيجابي كان مدفوع بترقب المستثمرين لقرارات مرتقبة من هيئة السوق المالية السعودية، هذه القرارات تتعلق بتخفيف القيود على ملكية الأجانب في الشركات المدرجة، والتي لا تزال محدودة عند نسبة 49%.

مجرد الأنباء عن احتمال رفع هذه النسبة، عززت الثقة في السوق، ودعت المستثمرين إلى تكثيف تعاملاتهم، ففتح الباب أمام مشاركة أوسع للأجانب يعني تدفق سيولة جديدة وزيادة جاذبية السوق عالميا.

تقديرات التدفقات الاستثمارية الأجنبية

بحسب تقارير بنك "جيه بي مورجان"، فإن رفع سقف الملكية للأجانب قد يجذب تدفقات استثمارية بقيمة تصل إلى 10.6 مليار دولار، هذه الخطوة إن تحققت، ستكون بمثابة إضافة نوعية تعزز من حجم السوق السعودي وتدفعه نحو موقع أكثر تنافسية بين الأسواق الناشئة والعالمية.

نشاط تداولات لافت

شهدت الجلسة تداولات نشطة بلغت قيمتها أكثر من 14.4 مليار ريال، موزعة على نحو 971 ألف صفقة، وبحجم تداول وصل إلى 598 مليون سهم، هذه الأرقام عكست حيوية غير مسبوقة، ورسخت صورة سوق يعيش مرحلة قوية من النشاط والتجميع.

أداء الشركات والأسهم

كان أداء الأسهم الفردية مثيرًا للاهتمام، حيث أغلقت 247 شركة على ارتفاع، مقابل 11 شركة فقط أغلقت على تراجع من أصل 261 شركة مدرجة.

تصدرت شركات مثل الإنماء، دار الأركان، البلاد، مجموعة تداول، والغاز قائمة الأكثر ارتفاعًا، حيث لامست مكاسبها النسبة القصوى المسموح بها يوميا.

في المقابل، سجلت شركات مثل إم بي سي، ملاذ للتأمين، أملاك، كابلات الرياض، ورتال بعض التراجعات المحدودة التي تراوحت بين 0.9% و2.2%، وهو أمر طبيعي يعكس التباين المعتاد داخل الأسواق المالية.

السوق الموازية “نمو”

لم يقتصر الارتفاع على السوق الرئيسي فقط، بل امتد إلى السوق الموازية "نمو"، حيث ارتفع مؤشرها بما يزيد عن 308 نقاط بنسبة 1.22% ليغلق عند مستوى 25608 نقاط، بلغت قيمة التداول في هذا السوق أكثر من 40 مليون ريال، ما يعكس حالة من التوسع الإيجابي تشمل مختلف قطاعات السوق.

سياق اقتصادي داعم

هذا الارتفاع التاريخي لم يأتِ بمعزل عن السياق الاقتصادي العام، إذ تستفيد المملكة من زخم رؤية 2030 التي تسعى إلى تنويع مصادر الدخل وجذب الاستثمارات الأجنبية إلى قطاعات متعددة مثل البنوك والعقارات والصناعات الكبرى.

المكاسب التي حققتها هذه القطاعات خلال الجلسة الأخيرة كانت إشارة واضحة إلى ترقب المستثمرين لمزيد من الانتعاش مع ضخ المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية.

ثقة المستثمرين والإصلاحات المستمرة

المحللون يرون أن استمرار الإصلاحات الاقتصادية وزيادة مستوى الشفافية والحوكمة في السوق السعودية سيعزز من استدامة المكاسب الحالية، ويقلل من حدة التقلبات على المدى الطويل.

تجاوز المؤشر حاجز 11.4 ألف نقطة مثل عودة واضحة إلى مسار صاعد، كان قد بدأ منذ أشهر قبل أن تعيقه التذبذبات العالمية وتقلب أسعار النفط.

السوق السعودية في موقع تنافسي عالمي

هذا الإنجاز لا يعد مجرد صعود مؤقت، بل يمثل نقطة تحول جديدة في مسيرة السوق المالية السعودية.

فقد أصبحت أكثر اندماج في الاقتصاد العالمي، وأكثر جاذبية لرؤوس الأموال الباحثة عن فرص استثمار مستقرة.

كما أن التوقعات تشير إلى أن فتح المجال بشكل أوسع أمام المستثمرين الأجانب سيدفع السوق إلى موقع متقدم ضمن مؤشرات الأسواق الناشئة والعالمية.

القفزة التاريخية التي سجلها مؤشر "تاسي" لم تكن فقط مكاسب رقمية، بل كانت رسالة قوية على متانة الإصلاحات الاقتصادية التي تشهدها المملكة.

كما أنها تعكس عزم السعودية على تعزيز مكانتها إقليمي وعالمي كسوق استثماري واعد، قادر على جذب السيولة، وتوفير بيئة آمنة وشفافة للمستثمرين المحليين والأجانب.