السعودية تستعد لتطبيق اجراءات جديدة بحق مشاهير التواصل بينها الاحالة للمحاكم الجزائية

السعودية تستعد لتطبيق اجراءات جديدة بحق مشاهير التواصل
  • آخر تحديث

أصبحت منصات التواصل الاجتماعي في العصر الحديث جزء لا يتجزأ من حياة الأفراد والمجتمعات، إذ تحولت من مجرد أدوات للتواصل والترفيه إلى فضاءات ضخمة تؤثر بشكل مباشر في تشكيل الرأي العام وتوجيه سلوك الناس.

السعودية تستعد لتطبيق اجراءات جديدة بحق مشاهير التواصل 

ومع تزايد هذا التأثير، برز دور ما يعرف بـ "المشاهير" أو "المؤثرين"، الذين يمتلكون ملايين المتابعين ويستطيعون بخطوة بسيطة أو إعلان واحد التأثير على قرارات الجمهور، سواء في قضايا استهلاكية أو اجتماعية أو حتى فكرية.

تجاوزات بعض المشاهير وإشكالية المسؤولية

رغم أن الشهرة تمنح أصحابها فرصة لنشر القيم الإيجابية وبث رسائل التوعية، إلا أن بعض المشاهير استغلوا منصاتهم في نشر محتويات لا تتفق مع القيم المجتمعية، بل قد تصل إلى حد مخالفة القوانين.

فقد انتشرت إعلانات مضللة لا تراعي الأمانة، وممارسات تسيء للذوق العام، إضافة إلى محتويات تروج لأفكار سلبية أو سلوكيات غير مسؤولة.

هذه التجاوزات طرحت تساؤلات جوهرية: هل يكفي الإطار التنظيمي وحده للحد من هذه الظاهرة؟ أم أن المشهد يحتاج إلى أدوات ردع أكثر صرامة وشفافية في التنفيذ؟

أدوار الهيئة العامة لتنظيم الإعلام

وضعت الهيئة العامة لتنظيم الإعلام إطار قانوني وتنظيمي لمتابعة أنشطة المؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي.

ومن أبرز اشتراطاتها إلزامهم بالحصول على رخصة موثق لممارسة الأنشطة الإعلانية، بحيث يصبح المحتوى خاضع للرقابة الرسمية.

كما تمتلك الهيئة صلاحيات واسعة، منها فرض غرامات تصل إلى مليون ريال سعودي، وتعليق أو إلغاء التراخيص، فضلا عن مصادرة معدات البث في حال ثبوت المخالفة.

وقد شهدت الفترة الماضية تطبيق عملي لهذه الإجراءات، حيث فرضت غرامات فعلية على عدد من المؤثرين، وهو ما يعكس جدية الدولة في فرض الرقابة وتنظيم هذا المجال الذي يمس شريحة واسعة من المجتمع.

الحاجة إلى تفعيل أقوى لآليات الردع

على الرغم من الإجراءات المتخذة، فإن استمرار بعض التجاوزات يكشف عن ثغرات في التطبيق، ويؤكد الحاجة إلى آليات ردع أكثر فاعلية وسرعة.

فالعقوبات لا تؤتي ثمارها إلا إذا نفذت بشكل علني وسريع، مع إيصال رسالة واضحة للمجتمع بأن القانون حاضر وأن التجاوزات لن تمر دون عقاب.

الرأي القانوني

يرى المحامي سلمان الرمالي أن المخالفات الإعلامية التي يرتكبها بعض مشاهير التواصل يجب أن تخضع لمنظومة صارمة تحت مظلة نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية.

وأوضح أن العقوبات المالية وحدها لا تكفي، بل يجب أن تصل القضايا إلى النيابة العامة ومنها إلى المحكمة الجزائية لإصدار أحكام قد تصل إلى السجن، مع الإعلان عنها للرأي العام.

فالردع الحقيقي لا يتحقق بالغرامة فقط، بل بتجريم الفعل وإظهاره كخطأ قانوني وأخلاقي في المجتمع.

أهمية العلنية في إنفاذ العقوبات

أما المستشار القانوني مقرن الشويمان فقد أشار إلى أن التحدي الأكبر لا يكمن في وجود الأنظمة أو النصوص، بل في آليات التطبيق والعلنية.

فإعلان العقوبات عبر القنوات الرسمية ونشر تفاصيلها يسهم في رفع مستوى الردع العام، ويجعل بقية المؤثرين أكثر التزام بالقوانين.

كما أكد أن الملفات ذات الطابع الجنائي يجب أن تتحول مباشرة إلى المحاكم المختصة، لأن صدور حكم قضائي علني هو الضمانة الحقيقية لتحقيق العدالة والردع معا.

بين الحرية والمسؤولية

إن منصات التواصل الاجتماعي تحمل قوة هائلة في التأثير وصناعة الرأي العام، لكنها في الوقت ذاته تحتاج إلى قدر عالي من المسؤولية والانضباط.

فالمؤثرون الذين يملكون صوت مسموع عليهم واجب أخلاقي وقانوني في تقديم محتوى يليق بالمجتمع ويحترم قيمه.

وفي المقابل، على الأجهزة الرقابية أن توازن بين حرية التعبير وحماية المجتمع من الممارسات الضارة، عبر فرض العقوبات وتنفيذها بشفافية وعلنية.

وبذلك، يمكن بناء بيئة رقمية أكثر أمان ومسؤولية، حيث يصبح القانون رادع حقيقي، وتتحول الشهرة من أداة للربح السريع إلى وسيلة لنشر الوعي والإيجابية.